الرواية الكاملة لخطف القذافي وهوية من سلمه لفرع المعلومات

هنيبعل القذافي

في الحلقة الثانية من سلسلة كشف المستور في عملية خطف هنيبعل القذافي نجل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، والذي كان مثل اليوم أمام قاضي التحقيق العدلي المكلف بالنظر في قضية إخفاء الامام موسى الصدر والشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين، وتم الاستماع اليه على مدى ٦ ساعات كاملة قبل ان يصدر القاضي حمادة مذكرة توقيف وجاهية بحق القذافي الابن الذي كان سُلِّم الى فرع المعلومات في قوى الامن الداخلي ليل الجمعة الماضي، وذلك بجرم التكتم واخفاء معلومات متعلقة بملف إخفاء الصدر.

القرار الذي اتخذه حمادة على أثر التشاور مع المدعي العام التمييزي القاضي سمير حمود، كان له وقع الصاعقة على وكيلة هنيبعل في لبنان المحامية بشرى الخليل وعدد من اقاربه وشقيق زوجته الذين كانوا ينتظرونه خارج مكتب المحقق العدلي في قصر العدل على ان يصطحبوه معهم الى مكان معين في لبنان، تمهيدا لإعادة نقله الى سوريا التي كان مقيما على أرضها منذ مدة طويلة في ضيافة الرئيس السوري بشار الاسد شخصياً، قبل ان يتم استدراجه الى لبنان يوم الاحد في ٦ كانون الاول الجاري عبر سيدة من آل الاسد بحجة ترتيب لقاء له مع قادة مقاومين في لبنان، هو طلب عقده من أجل خلق أرضية تنسيقية لايصال السلاح والخبرات اللازمة الى مقاتلين ليبيين يدورون في فلكه في مدينة زليتن الليبية.

هنيبعل القذافي الذي ما ان وطأ الاراضي اللبنانية صبيحة الاحد ما قبل الماضي حتى أطبقت عليه مجموعة من المسلحين الذين ينتظرون هذه اللحظة منذ ٣٨ عاما وخطفوه الى حيث أودعوه مكانا محدداً في منطقة جردية في قضاء بعلبك، على اعتبار ان المراوغة التي مارسها القذافي الاب في ملف اخفاء الصدر وعدم تجاوبه مع اي مبادرة من المبادرات الدولية العديدة، وتمنعه عن إعطاء أي لجنة رسمية وأي مبعوث دولي أي معلومة تتعلق بمصير ضيوفه المخفيين منذ العام ١٩٧٩، أوصلت المعنيين بالقضية الى خلاصة مفادها ان من خطفهم القذافي بالقوة لن يستعادوا بغير القوة وان حاكماً من هذا الطراز لن يستجيب لأي مبادرة سوى بالإكراه، ومنذ حينه بدأت رحلة البحث المضنية عن عزيز يصيب قلب القذافي الاب بمقتل. وحصلت محاولات عديدة لم يكتب لها النجاح وشهدت القضية محاولات موازية كعمليات خطف طائرة وتفجير سفارات ليبية والى ما هنالك من محاولات رديفة في هذا السياق.

بعد مرور ٣٨ عاماً على القضية التي أبقاها القذافي لغزاً يحاكى أكبر احاجي العصر، توصل المريدون الى هدفهم وتمكنوا من خطف ابن القذافي ولكن مع من سيتفاوضون بعد مقتل الاب وجزء من الابناء، وسجن الاخرين ؟ كان ذلك هو السؤال – الهاجس الذي قض مضاجع الخاطفين في ظل ضغوطات غير مسبوقة عليهم من قبل جهات محلية نافذة مرتبطة بالرئيس السوري الذي وجّه أركان نظامه في اتجاه استعادة ضيفه الشخصي من خاطفيه بكل الوسائل المتاحة.

بعد ان توصل الخاطفون الى فكرة بعدم جدوى الابقاء على هنيبعل محتجزاً لديهم، وعدم التمكن من ذلك لوجستياً، وأمنياً في ظل انكشاف الغطاء السياسي عنهم، بدأت تختمر فكرة تسليمه الى الاجهزة الامنية اللبنانية لإعطاء القضية بُعداً رسمياً، وطابعاً جدياً ولإصابة عدد من الاهداف التي تحدثنا عنها في المقال السابق، ولدى علم الحاج عقل حمية بالامر وهو المعني كونه من مواكبي الامام الصدر وقضيته منذ البداية وعلى اعتبار انه الان أحد الشخصيات الشيعية المستقلة الوازنة والواعية ويقارب المواضيع بموضوعية وحكمة، فقد تواصل مع جهات المعنية في الساحة الشيعية وعلى مستوى السلطة التي فكان ان رفض البعض تسلم القذافي كما تريث البعض الآخر، في حين ان حمية كان مستعجلاً في حسم الامر لوضع الامور في نصابها الصحيح، فبادر الى التواصل مع فرع المعلومات في قوى الامن وطلب منهم تسلم الرجل مباشرة وأرشدهم الى مكان احتجازه بعدما قام بالضغط على الخاطفين طالبا منهم ارشاده الى مكان احتجاز القذافي في مقابل منحهم وعداً حصل عليه بعدم تعرض احد من الامنيين لهم، وهذا ما حصل ليل الجمعة في ١١ الجاري.

وخلال مدة احتجازه لديهم من دون الاعلان عن ذلك عملياً كان المعنيون بعملية خطف هنيبعل القذافي قد أخضعوه لتحقيقات طويلة أفرغوه في خلالها من كل ما بحوزته من معلومات حول القضية وقد وضعت في عهدة القضاء اللبناني، لكن المثير في ما أدلى به القذافي في هذا الصدد هو شريط مسجل ما يزال بحوزة الجهة الخاطفة ولم يعرض بعد، يتحدث في خلالها عن مسؤولية وزير الخارجية الليبي عبد السلام جلود المباشرة عن خطف الصدر واخويه، واختراعه تمثيلية خروجهم الى الاراضي الايطالية، والاكثر إثارة ما قاله عن تواصل شخصيات من نظام والده مع فاعليات مؤثرة في القرار الرسمي الشيعي ولقاءات عديدة عقدت بين ممثلين للطرفين على مدى سنوات الازمة وابرزها لقاء شقيق مسؤول لبناني معني بالقضية بممثلين لوالده في شرم الشيخ، وعن علاقات تجارية لشقيقة زوجة هذا المسؤول اللبناني مع شركات ودور نشر ليبية، وكلامه المسهب عن فترة زواجها من احمد قذاف الدم.

في هذا الشريط كلام كثير قاله هنيبعل في الامن والسياسة، ولكن تأكيداً لمصداقيتي المهنية فإنني أشير الى ان ثمة من تحدث عن هذا الموضوع في المقلب الآخر، وقال ان هنيبعل قال في هذا الشريط ما تم تلقينه إياه حرفياً وتحت الضغط والاجبار.

عباس صالح

التعليقات مغلقة.