كيف يتخطى الثنائي اللبناني وضعه المعيشي الصعب ؟

الثنائي اللبناني

وضع معيشي صعب يتحكم بعنق الشباب اللبناني، إذ يتأرجح مستقبلهم بين إيجاد فرص العمل وبين المعاشات المتدنية نسبياً مقارنة بالدول الأجنبية التي تجذب معظمهم إليها. والحال أن من يقدمون على الزواج منهم، هم إما يأتون من عائلات ميسورة أخذت نسبها تتضاءل مع السنين، وإما قد سافروا وحسّنوا من أوضاعهم المادية أو وجدوا وظيفة “تستر الحال” في البلد وبدأوا حياتهم بالتقسيط المريح. غير أن ما نبحث عنه هو قدرة هذين الشريكين في الاستمرار في حبّهما والسيطرة على علاقتهما من دون أن تتجاذبها تيارات الملل والروتين وتمزقها الأعباء المادية التي تثقل كاهليهما فيعيشان في هاجسها بدل الانغماس في حب الحياة والترفيه عن النفس… وكثيراً ما يصل الأمر بهما حدّ الطلاق.

أرقام حديثة وصادمة عن الطلاق!
عُرضت حديثاً أرقام صادمة في إحدى المحاضرات في الجامعة الأنطونية في رياق، بوجود رؤساء المحاكم الروحية في لبنان ورئيس قسم الفلسفة في الجامعة د. جورج حرب، اتضح فيها أن نسبة الطلاق المعلن وصلت إلى 30 في المئة وهو رقم كبير في مجتمع تشكل نواته الصلبة وحدة العائلة. أضف إليها نسبة 30 في المئة أيضاً للطلاق المستتر، بمعنى أن أولئك الأهل لا يزالون يتمسكون بضرورة عدم فرط عقد العائلة اجتماعياً فيحافظون عليها صُورِياً، وهنا يكون الأولاد والسمعة السببين الأبرز لعدم إعلان الطلاق رسمياً. شارك في المحاضرة الاختصاصي في علم النفس العيادي الدكتور نبيل خوري، الذي حاورته “النهار” وسألته عن الأسباب الرئيسة التي ترفع نسب الطلاق في لبنان بحسب ما ورد في المحاضرة، فيقول: “إن الوضع المعيشي هو أحد أبرز الأسباب لارتفاع هذه النسبة، إضافة إلى الانسجام والرؤية المشتركة للطرفين”.

الحلول المتوافرة والتفاؤل المطلوب
تبحث “النهار” مع خوري عن حلول على الشريكين اتباعها في ظل الوضع الاقتصادي الصعب وغلاء المعيشة، فيأتي جوابه مطالباً الثنائي بضرورة خروجهما مع الأصدقاء شرط اختيار أولئك الذين لا منافسة في العلاقة معهم أي من ينتمون إلى الطبقة الاجتماعية نفسها. ويشدد على أهمية تقبّلهما الوضع انطلاقاً من قاعدة عدم معرفة ما يمكن أن يطرأ من متغيرات في المستقبل، مضيفاً “عليهما الصلاة والتضرع إلى الله كي ينقذنا من الطقم السياسي الحالي!”. ورداً على عدم إمكانية الشريكين تحمل أعباء السهرات الباهظة يقول خوري “فليخرجا مرتين في الشهر، على قد بساطك مدّ إجريك”.
وفي السياق نفسه، يشير خوري إلى أهمية أن يدرك الثنائي معنى العائلة ووحدتها ودور الأولاد فيها واحترام الآخر، وهي أمور أساسية لتعزيز الحياة الاجتماعية وتحصينها أمام عقبات الدهر، إضافة إلى السعي الدؤوب لإيجاد شروط عمل أفضل من تلك التي يعملان فيها. وإن تعذر كل ذلك يجد خوري أن لا مانع من الهجرة!

البحث عن الشريك الأفضل مادياً
أما بالنسبة إلى الشروط المهنية الأفضل، فيوضح خوري “أنه في استطاعة كل من الشريكين البحث عن عمل أفضل فمن راكم خبرته في شركة معينة يمكنه الانتقال إلى أخرى إذ لربما يحالفه الحظ حيث يكونون بحاجة إلى خبرته وبراتب أفضل”. لا بدّ أن يبتسم الحظ لهما، فخوري متفائل لهذه الناحية. لا ننكر أن عدداً لا بأس به من الشباب اللبناني يبحث اليوم عن الشريك الأفضل مادياً بدل الحب المجهد والعناء المزمن، فما رأي خوري بذلك؟ “صحيح، الشاب اللبناني اليوم يبحث عن الفتاة الموظفة التي يمكنها مساعدته في متطلبات العيش والضرائب المرتفعة، فأقله هي قادرة على تأمين مستلزماتها”.

على اللبناني، إذاً، أن ينتظر ابتسامة الحظ له شرط ألا يتوقف سعيه إلى شروط معيشية أفضل. فالخلاص إن لم يكن مع الزوج الثري أو الزوجة المتحدرة من عائلة مرموقة، سيكون بالهجرة من بلاد سيسجل التاريخ أن سياسييها فقّروا شعبها بدم بارد فتفرّق الأزواج وتفككت العائلات.

التعليقات مغلقة.