عاشوراء في الضاحية : كأن حزب الله يحمينا من أنفسنا

تدخل منطقة الضاحية الجنوبية لمدينة بيروت مرحلة التأهب الأمني مع بدء إحياء مراسم عاشوراء. فهذه المناسبة الدينية التي تستمر عشرة أيام، باتت تتطلب إجراءات أمنية مشددة، بهدف تأمين الحماية اللازمة للسكان أثناء مشاركتهم في المجالس العاشورائية.

الإنتشار المسلح
في ظل هذه الخطة الأمنية، أصبح مستحيلاً التنقل في الضاحية مساءً. فعند أتوستراد السيد هادي نصرالله، بعد تقاطع المشرفية، السير شبه متوقف. لا يخرق سمعك سوى أصوات اللطميات التي تصدح من السيارات. أما على المستديرة، قبالة مطعم حرقوص، فيتسمّر أحد “الحزبيين” باللباس الأسود في مكانه من دون أي حركة. عيناه تراقبان من بعيد فقط، لعله يعثر على ما قد يثير الريبة.

وعلى بعد بضعة أمتار يقابلك حاجز لحزب الله. عناصره يتأكدون أنك لست “إرهابياً”، من خلال النظر إلى عينيك أو تفحص السيارة مستخدمين “الأنتريك”، من بعدها تسلك طريقك للوصول إلى قلب الضاحية.

وفي الداخل، يكفي أن تلتفت يميناً ويساراً لتلاحظ التغييرات اللوجستية. فبوابات الحديد السوداء، المحاطة ببعض الشبان، تردع كل من يريد التقدم نحو شارع ما، يمكن وصفه بـ”الأمني”، نظراً لوجود جامع فيه أو حسينية. وتلك البوابات، التي لا تفتح سوى لـ”الجيبات المفيمة، من دون نمرة”، يلتف حولها بعض الشبان، منهم من يحمل سلاحاً وآخرون يفتشون المارة.

“لم تعد عاشوراء مناسبة دينية بل أمنية. فالإنتشار الحزبي المكثف هذا العام أمر جديد فعلاً علينا”، يقول أحد سكان المنطقة، الذي يرى أن هذه المناسبة “بدأت توظف سياسياً وطائفياً من خلال الوجود الأمني الكبير واجراءات الحماية، لإظهار قوة الطائفة الشيعية”.

يوافقه الرأي أحمد، الذي يسكن في منطقة خاضعة لنفوذ حركة أمل، ويصف الإنتشار المسلح اليومي قبل بدء المجلس العاشورائي بـ”غير المنطقي”، معتبراً أن تجول العناصر بشكل علني مع كامل العتاد العسكري يثير خوف السكان. “لا نريد أن تصبح عاشوراء فرصة كي تستعيد المليشيات دورها”.

ممنوع المرور
لم يعرف حسن، ابن الضاحية الجنوبية، سبب منعه من الدخول إلى منزله عند الساعة السادسة مساءً. وعندما قرر الإستفسار عن الأمر، جاء الرد من أحد كوادر حزب الله بأنه ممنوع على أي شخص الدخول إلى المنطقة في الوقت الحالي، وهناك “تعميم بإقفال الطرقات”.

حسن، الذي يعد نفسه ابن المنطقة، يقف على بعد 200 متر من منزله، الذي يقع ضمن نطاق مجمع سيد الشهداء. “يمتلكون كل المعلومات عني. فلماذا أمنع من المرور؟”، يقول ممتعضاً من الإجراءات الأمنية غير المبررة. ويتابع: “شو عم يحموني من حالي؟”.

أما زينة، التي لم يسمح لها بالوصول إلى منزلها في منطقة برج البراجنة، فتعتبر أن هذه الممارسات التي يقوم بها حزب الله ظالمة بحق السكان، وتتناقض مع “ثورة الإمام الحسين التي قامت ضد الظلم”. لكنها تعتبر أن حزب الله بدأ يتعامل بجدية مع النقد الموجه إليه.

وكي لا تضيّع وقتها في البحث عن منفذ للولوج إلى الحي، قررت زينة التنقل سيراً على الأقدام بدلاً من السيارة، إذ “أفضل المشي نحو نصف ساعة يومياً من مكان عملي إلى المنزل، كي يُسمح لي بالدخول”.

لكن هذا الرفض للإجراءات الأمنية يقابله رضا يظهر في حديث عدد آخر من سكان الضاحية. “نشعر بالأمن والأمان. نذهب إلى المجالس الحسينية بكل إطمئنان، لأن الحزب يحمينا”، تقول هبة، التي تعتبر أن هذه الفترة “قصيرة، عشرة أيام فقط. وعلى الجميع تقدير الجهود التي يبذلها حزب الله من أجل أبناء المنطقة. وإذا نحن ما اتحملنا مين بدو يتحمل؟”.

سارة حطيط

التعليقات مغلقة.