المفتي حسن خالد : شهيد وحدة لبنان وعروبته

تطلّ اليوم ذكرى أليمة على كلّ لبنان، حيث يستذكر اللبنانيون، مسلمين ومسيحيّين، المفتي الشهيد الشيخ حسن خالد، مفتي الجمهورية اللبنانية الذي تسلّم هذا المنصب من العام 1966 وبقي فيه حتى استشهاده في 16 أيار 1989 إثر تفجير استهدف سيارته أثناء خروجه من مقرّ دار الفتوى في بيروت، عن عمر ناهز الـ 68 عاماً.

هو المفتي والعالم والقاضي، هو المنفتح والرّزين والعروبي، هو اللبناني حتّى الصميم، الذي آمن بوحدة لبنان وأبنائه مسلمين ومسيحيين، وهو الذي بفكره وبكلماته وبرؤيته للبنان، حمل مشعل الوطنية عالياً، وكان نموذجاً يجسّد قولاً وفعلاً العيش الواحد بين اللبنانيين على أساس المواطنة والعدل والمساواة، بعيداً عن الاعتبارات الطائفية والمذهبية الضيّقة، فكان يعتبر أن “لا ديمقراطية ولا عدالة بوجود الطائفية”.

وهو القائل: “إنّ أعزّ نداءٍ إلى قلبي هو المحافظة على وحدة هذا الوطن وقوّته وأن تعيشوا في ظلاله أخوة متلاقين متحابين في السرّاء والضرّاء فالقيمة الحقيقية للمواطن هي بما يعطي وطنه من مواهب لا بما يحقّقه لنفسه من مكاسب”.

لم يساوم المفتي خالد يوماً على الحقّ في ما خصّ لبنان وشعبه، فكان حاسماً وجازماً في نظرته للبنان الوطن، معتبراً أنّ “حقّنا في وطننا ليس ملكاً يتصرف به البعض وإنّما هو أمانة نحملها في أعناقنا جميعاً لنسلمها إلى أحفادنا وإلى أجيالنا المقبلة وإنّ شريعة لبنان الحضاري هي شريعة الدين والعقل والعلم والمعرفة لا شريعة الهوى والقتل وهي شريعة اللقاء والحوار لا شريعة الخصام والدمار”.

هو الذي آمن بأنّ “عروبة لبنان هي الشرط الأول لبقائه سيداً حراً مستقلاً”، وكان الداعي الدائم لـ”الوحدة بين المسلمين التي هي دعوة لوحدة اللبنانيين”، لأنّه كان يعتبر أنّ “الطائفية السياسية والساسة الطائفيون كلاهما ينتفع بالآخر ويتغذّى عليه وكلّ ذلك على حساب لبنان وسلامته وازدهاره”.

وهو الذي آمن بدولة المواطنة والمؤسسات، وبأنّ خلاص لبنان ونهوضه “مرهون بتحقيق العدالة والمساواة بين اللبنانيين ومناطقهم، والمواطن اللبناني لا يكون كبيراً إلا إذا بسطت السلطة الشرعية ظلّها على كامل تراب الوطن”.

هو مفتي وحدة لبنان بجناحيه المسلم والمسيحي، فهو الذي قال إنّ “تحرير المجتمع اللبناني لا يقوم إلا بتكامل الطاقات الإسلامية والمسيحية، كما أنّ وحدة المسلمين والمسيحيين في وطن واحد مسؤولية لبنانية مشتركة.

هو المفتي الفريد بفكره وعمقه وأخلاقه ووطنيته، مثالٌ لرجل دين لم يتاجر يوماً بدينه، بل كان دينه سبباً لنهضة وطنه، ولوحدة أبنائه، وكان جسر عبور للمسلمين بين بعضهم، كما جسر عبور بين المسلمين والمسيحيين ليعبروا سوياً نحو وطن حلم به موحّداً وقوياً.

حسن هاشم

التعليقات مغلقة.