انعطافة صالح : ماذا كشف الأمير بن سلمان وما علاقة لبنان ؟

ستسجّل الحرب اليمنية في صفحاتها تاريخ الثاني من كانون الأول عام 2017، الذي شكّل نقطة تحوّل في مسار الحرب اليمنية، بدأت لحظة إعلان حليف الحوثيين وشريكهم في الحرب ضدّ الشرعية اليمنية الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح انقلابَه على الإنقلابيين، ودعوتَه الشعب اليمني للقيام بانتفاضة شاملة بوجه “أنصار الله” والقوات المسلحة لرفض تعليمات”ميليشيات الحوثيين”،كما دعا إلى فتح صفحة جديدة مع دول الجوار.

صالح فاجأ حلفاءه وخصومه في آنٍ بقلب الطاولة على من وحّد بندقيته مع بندقيتهم بوجه التحالف العربي والشرعية اليمنية. والمؤشرات التي ظهرت في الآونة الأخيرة حيال العلاقة المتوترة بينه وبين الحوثيين لم تخفف من وقع مفاجأته المدوّية في توقيتها وقوتها. قنبلة صالح أصابت الحوثيين بمقتلٍ وانعكست في الميدان اليمني، الذي شهد استسلام عشرات الحوثيين وتقدّماً لقوات حزب المؤتمر الشعبي الذي يرأسه، بحيث تمكنت قوّاته بساعات معدودة من السيطرة على العديد من المحاور في صنعاء وعددٍ من المحافظات والمقار الرسمية في العاصمة، منها مبنى التلفزيون الرسمي. اشتباكات قوّاته مع الحوثيين تبعها قصفٌ مقاتلات قوات التحالف تعزيزات الحوثيين، ما أسفر عن تقهقرهم وخسارتهم للعديد من المواقع.

والسؤال ماذا خلف انقلاب صالح على الحوثيين؟ هل يؤشر لبداية تسوية للحرب اليمنية بملامح سعودية؟ كيف ستؤثر مجريات اليمن على المنطقة بأكملها؟ وهل سيكون لبنان بمنأى عن تداعياتها؟

من يراقب مسار هذا اليوم اليمني الحافل يدرك أنّ السعودية كانت تنتظر من صالح فعلته تلك، بدليل الفيديو الذي نشره وزير الإعلام السعودي عواد بن صالح العواد،وقال إنّه يعود إلى أشهرٍ مضت، يَظهر فيه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان قائلاً: “علي عبد الله صالح لديه خلاف كبير مع جماعة الحوثي، نعرف أنّه اليوم تحت سيطرة الحوثي وحراسته، ولو لم يكن تحت سيطرته فسيكون موقفه مختلفاً تماماً عن موقفه اليوم، وبلا شك لو خرج علي عبد الله صالح من صنعاء سيكون موقفه مختلفاً”.

السعودية بدأت تستعيد زمام الأمو، والملف اليمني يشكّل بالنسبة لها أولوية تتقدّم على باقي ملفات المنطقة، لإرتباطه بأمنها مباشرة، لاسيّما بعد عشرات الصواريخ البالستية التي انطلقت من اليمن وسقطت في أراضيها.

وفي قراءة لتطورات الميدان اليمني رأى أستاذ العلاقات الدولية والباحث الإستراتيجي وليد عربيد في حديث لـ”لبنان 24″ أنّ التسوية انطلقت في اليمن، وفي محاولة لإرضاء السعودية ستلعب مسقط دوراً مهماً في الوساطة من أجل مستقبل اليمن.

أضاف الدكتورعربيد: “ما حصل من انعطافة علي عبد الله صالح وخلافه مع الحوثيين، يدل إلى أنّ الوساطة العمانية قد وصلت الى النقطة التي يريدها المجتمع الدولي، أي التفاهم مع السعودية،.فالمملكة تاريخياً تعتبر اليمن امتدادها نحو بحر العرب والمحيط الهندي . ونحن نعلم بأنّ النزاعات القادمة بين القوى الدولية الكبرى ستكون في هذه المنطقة في إشارة الى صعود الصين والهند و باكستان وإيران عسكرياً واقتصادياً، كما أنّ الصراع على افريقيا من شأنه أن يضع الممرات المائية في باب المندب و مضيق هرمز بمواقع جيو استراتيجية. من هنا تبدو استحالة إيجاد حل للازمة اليمنية من دون إرضاء الرياض، خصوصا أنّها لطالما نظرت الى دورٍ في بحر العرب”.

ماذا عن لبنان ؟

على قاعدة “اليمن أولاً” تصرّفت المملكة العربية السعودية في الآونة الأخيرة، واستقالةُ الرئيس سعد الحريري من الرياض ليست بعيدةً عن هذه القاعدة السعودية لا بل شكّلت نواتها، خصوصاً أنّ المملكة اشترطت عدم تدخل “حزب الله” في اليمن متهمة إياه بزعزعة استقرارها. عربيد يرى في تصعيد الموقف السعودي في اتجاه لبنان والأزمة السورية محاولة سعودية لحجز كرسي لها على طاولة المفاوضات القادمة حول الشرق الاوسط.

معركة اليمن ستطيح بالحوثيين

بطبيعة الحل لا يمكن تغييب البعد الإقليمي عن مستجدات المشهد اليمني، التي تصبّ في مصلحة إبعاد إيران عن اليمن من خلال تطويق الحوثيين وعزلهم. رئيس الحركة اليسارية منير بركات بدوره رأى أنّ تطورات اليمن تؤشر إلى حصول تسوية وإتفاق “في الاستنتاج يتبين بأنّ المعركة الحالية في اليمن بين المؤتمر الشعبي والحوثيين بهندسة سعودية وأميركية، سوف تطيح بالحوثيين وتُخرج النفوذ الايراني منها.

وأهم نتائجها الإيجابية حيال السعودية تكمن بإبعاد التهديد الايراني بالصواريخ الباليستية، وسوف تأتي هذه التطورات مجدداً بصالح شريكاً في السلطة، وهو الذي يمتاز بدهائه وعقله الأمني والإنقلابي، وقدرته على قيادة المعارك السياسية والعسكرية بإحتراف عال ومقدرته على حصد غلاّته .وسوف ننتظر الأسابيع القليلة المقبلة وما سينتج عنها، ربطاً بالحراك القائم حيال الملف السوري.”

يبقى السؤال الأهم هل تشكل مستجدات هذا اليوم بداية نهاية الحرب اليمنية؟ أم أنّه فصل جديد من الصراع الإقليمي في المنطقة؟ كيف سترد ايران؟ هل ستبقى على صمتها الذي طبع اليوم الأول من انقلاب صالح؟ أم أنّ المواجهة الإيرانية – السعودية على أرض اليمن ستشهد فصولاً جديدة؟

لا بدّ من انتظار مجريات الساحة اليمنية وتطوراتها المتسارعة، لتبيان المنحى الذي ستسلكه حروب القوى الإقليمية بالوكالة على أرضها.

نوال الأشقر

التعليقات مغلقة.