ما سرّ قبول#واشنطن بمُفاوضات مُتوازية بحراً وبراً ؟

كتب حسن سلامه في صحيفة “الديار” : تبلغت الجهات الرسمية اللبنانية موقفاً من قيادة العدو الاسرائيلي نقله الى المسؤولين مساعد وزير الخارجية الاميركية دايفيد ساترفيلد بحصول مفاوضات غير مباشرة تحت رعاية الامم المتحدة.

والاهم قبول العدو وشمول هذه المفاوضات الحدود البحرية بين لبنان وفلسطين المحتلة، ومعها استكمال ترسيم الحدود البرية وبالتحديد المواقع الـ13 التي يتحفظ لبنان عنها، منذ ترسيم الخط الازرق، بعد التحرير في العام الفين.

بداية، تشير مصادر سياسية قريبة من احد المراجع الرسمية الى قبول هو الاول من نوعه من جانب واشنطن “اتل ابيب” بالنقطتين السالفتين، بعد فترة طويلة من الرفض والابتزاز على الرغم من ان على لبنان عدم التساهل في اي تفصيل من الامور التي ستبحث في المفاوضات المرجحة في وقت قريب في الناقورة.

حيث يتوقع ان يترأس الوفد اللبناني العميد عبد الرحمن شحيتلي. في حال قبول العدو باشتراط الرئيس نبيه بري عدم تحديد سقف للمفاوضات، على اعتبار ان السقف الذي تبلغه ساترفيلد من المسؤولين في كيان الاحتلال يشترط تحديد ستة اشهر لانهاء المفاوضات.

ويقول مصدر سياسي بارز انه حتى لو تراجعت “تل ابيب” عن طلب تحديد مهلة زمنية للتفاوض، فمسار المفاوضات لن يكون سهلاً، اذا كانت هناك رغبة من الاميركي بتأدية دور “الوسيط النزيه”، واذا كانت قيادة الاحتلال تريد الوصول الى ترسيم كامل لمسألتي الحدود البحرية والبرية، فهناك مجموعة واسعة من المسائل الصعبة الاساسية التي يفترض اقرار العدو ومعه الادارة الاميركية لها، ولو ان ابرز مسألتين هما:

– تخلي الاحتلال المدعوم اميركيا عن الادعاء بان جزءاً من المنطقة المتنازع عليها في البلوك “رقم 9” يقع ضمن منطقة الاحتلال لاراضي فلسطين ومياهها الاقليمية اي بحدود 350 كلم من اصل 850 كلم وبالتالي التخلي عن الاقتراح الذي كان تقدم به السفير فريديرك هوف في عام 2012 الى المسؤولين اللبنانيين.

ولم يظهر ان تل ابيب وواشنطن قد تخلتا عن هذا الطرح الذي يدعو لإعطاء الاحتلال حوالى 35 بالمئة من المنطقة المتنازع عليها، بل ان هناك تلميحات اميركية بأن يكون لهذه المنطقة ترتيب خاص، لا يخضعها بالكامل للسيادة اللبنانية، بما يحول دون استثمار لبنان لحقوقه النفطية في هذه البقعة، في وقت يؤكد عدد من كبار المعنيين في الدولة، من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى الرئيس نبيه بري وآخرين رفض التخلي عن متر واحد من حقوق لبنان.

وكذلك انطلاق ترسيم الحدود البحرية من نقطة (B-1) في الناقورة.
– هل ستقر قيادة الاحتلال بتمسك لبنان بتراجع العدو عن النقاط الـ 13 على الحدود البرية، والتي ترفض تل ابيب حتى اليوم الاعتراف بسيادة لبنان عليها، في وقت لجأ العدو الى بناء السياج الاسمنتي على نقطتين او ثلاث، مع العلم ان مسألة ترسيم الحدود البرية يغيب عنها حتى الآن المناطق المحتلة في غير منطقة، من تلال كفرشوبا وشبعا الى بلدة الغجر، وسرقة مياه الحاصباني.

وانطلاقاً، من جملة التساؤلات، على اعتبار ان لا ثقة بالاميركي او “الاسرائيلي” للاقرار بحقوق لبنان، فالسؤال – السر – الذي يحتاج الى من “يفك رموزه”، لا يؤشر الى امكانية للاقرار بكامل حقوق لبنان؟

وهذه التساؤلات تدفع المصدر السياسي البارز الى الحذر والتنبه الى ما هو مؤكد من ان الاميركي والاسرائيلي يسعيان له من وراء هذه الاستضافة اليوم، للقبول بما طرحه لبنان في السابق من اجراء المفاوضات برعاية الامم المتحدة وعلى “قدم المساواة” في البحر والبر، وكل ذلك يدفع المصدر الى التأكيد ان هذه الاستضافة الاميركية – الاسرائيلية سببها او هدفها الاتي:

– اولا : ان قادة الاحتلال لم يتمكنوا، رغم الاغراءات، من اقناع الشركات الدولية، ببدء التنقيب عن النفط والغاز في المياه الاقليمية الفلسطينية خوفاً من حصول مواجهة عسكرية مع لبنان، بحيث ستتعرض هذه الشركات لخسائر ضخمة، خصوصاً ان حقل “ثمار” الذي يحوي على ما يزيد عن 238 مليار متر مكعب من الغاز لا يبعد عن حدود لبنان اكثر من 75 كلم.

– ثانياً : حتى ولو وافق العدو على اجراء المفاوضات دون سقف زمني، فاستمرارها، يرجح ان يمكّن الاحتلال من اطلاق عمليات البحث وحتى استخراج الثروة النفطية والغازية، ولو في مناطق خارج المنطقة التي تدعي تل ابيب انها منطقة مختلف عليها مع لبنان، خصوصاً ان العدو بات جاهزاً لهذه العملية.

– ثالثا : لا يستبعد المصدر السياسي ان تكون هناك غايات واهداف اميركية – اسرائيلية من وراء القبول بمطالب لبنان أبعد من مسألة ترسيم الحدود، الى ما يخطط له تحالف واشنطن – تل ابيب عبر صفقة القرن، إن من حيث الاعتقاد أن اطلاق المفاوضات سيؤدي الى تحييد حزب الله عما يخطط له لضرب الفصائل الفلسطينية التي ستعمل بكل الوسائل لإسقاط هذه الصفقة، وان لمحاولة تمرير التوطين، في حال جرى تمرير هذه الصفقة.

ورغم كل هذه المحاذير التي على المسؤولين والحكومة التنبه لها، فإن المصدر يلاحظ ان اقرار واشنطن وتل ابيب بطلب لبنان التفاوض تحت راية الامم المتحدة وعلى جانبي الحدود البحرية والبرية، ما كانت لتحصل لولا القلق لدى ادارة البيت الابيض والاحتلال من خطر حصول مواجهة مع المقاومة في لبنان ستكون لها تداعيات خطرة على كيان الاحتلال، يضاف الى ذلك ان الموقف اللبناني الموحد أدى دورا مهما في اقرار الاميركي والاسرائيلي بمطالب لبنان.

التعليقات مغلقة.