لا إسرائيل تريد حربًا ولا حزب الله : هل تكون درون مقابل درون ؟

منذ اللحظات الأولى لسقوط طائرتي “الدرون” الإسرائيليتين في ضاحية بيروت الجنوبية ولغاية اليوم، سؤال واحد يطرح نفسه، ويُقلق اللبنانيين قبل الإسرائيليين. كيف سيردّ “حزب الله” على العدو الإسرائيلي، وهل ستشتعل حرب مدمّرة في لبنان؟

الهدف الإسرائيلي : عملية استباقية

في قراءة لمشهد طائرتي “الدرون” في الضاحية لفت العميد المتقاعد خليل الحلو في حديث لـ ” لبنان 24″ إلى عدم جواز أخذه في سياق منفصل عن مشهدية المنطقة، وتحديدًا في كلّ من سوريا العراق لبنان وغزة إلى حدّ ما، “بحيث يسود فصل من الصراع الإيراني – الإسرائيلي.

فعلى رغم أنّ حربي العراق وسوريا أنهت الجيوش العربية، وأراح التناحر الداخلي في الدولتين اسرائيل، ولكن إيران تساند أطرافًا في هذا الصراع، أيّ النظام السوري وميليشيات الحشد الشعبي، وبالتالي تستفيد من وجودها في سوريا والعراق لبناء قدرات قد تستخدمها في المستقبل في مواجهة اسرائيل، وخصوصًا من خلال استخدام صواريخ بعيدة المدى.

وهذا ما تراقبه اسرائيل منذ فترة، وبدأت تتعامل معه بضرب المراكز الإيرانية التي تشتبه بها منذ أكثر من ثلاث سنوات. هذا المنحى أشار إليه رئيس الأركان الإسرائيلي السابق ،عندما قال نخوض حروبًا ما بين الحربين عبر مئات الغارات الجوية على مراكز إيرانية في سوريا، ومنعنا إيران من بناء قدرات تهدّد إسرائيل . ورئيس الاركان الحالي يكمل النهج نفسه”.

ويضيف الحلو “واستنادًا إلى هذه السياسة نفّذت إسرائيل في الشهرين الأخيرين غارات جوية على مراكز الحشد الشعبي في العراق، قالت إنّها تحوي صواريخ بعيدة المدى. ويوم الأحد الماضي شنّت غارة على الحدود السورية – العراقية أسفرت عن مقتل مسؤول كبير في الحشد الشعبي العراقي، وليل السبت – الأحد شنّت غارة على سوريا، بحيث تعتقد إسرائيل أّنّها أحبطت محاولة لتفخيخ طائرات مسيّرة من سوريا للقيام بعمليات ضدّها، وأنّها تقوم بعمليات استباقية بتدميرها للمركز الذي يجهّز الطائرة وفق الرواية الإسرائيلية، وبعدها بساعتين أرسلت طائرتين الى الضاحية مستهدفة مركزًا إعلاميًا للحزب “.

وبالتالي وفق تحليل الحلو فمشهد الضاحية مرتبط مباشرة بالغارة التي سبقته في سوريا واستهدفت مركزًا للحزب، وأحبطت وفق الإعلان الإسرائيلي عملية إيرانية ضدّها. “وحزب الله” جزء من المنظومة الإيرانية في المنطقة وهو ما يكرّره في أكثر من مناسبة. والطائرتان في الضاحية لم تسقطا ولم تخطئا الهدف بل استهدفتا مركزًا للحزب . وهذا ليس من قبيل المصادفة، بحيث أرادت إسرائيل توجيه رسالة، مفادُها إذا كنتم تريدون استهدافنا من سوريا فسنردّ في لبنان وفي عقر داركم، وبهذه الطريقة، أي ليس بحرب شاملة إنّما بغارات هادفة تسمى targeted strikes بواسطة طائرات الدرون”.

خطاب السيد

تلقف الحزب الرسالة الإسرائيلية وأعلن أمينه العام السيد حسن نصر الله “الردّ في لبنان” قاصدًا غموضًا حول مسرح الرد ونوعه.” ففي المعنى اللغوي قد تعني كلمة في لبنان، من لبنان أيضًا. وأرفقها بعبارة “وليس في مزارع شبعا” كما ردّ في مرتين سابقتين، إحداها استهداف موكب عسكري إسرائيلي ردّا على الغارة الإسرائيلية التي استهدفت جهاد عماد مغنية، وذلك في مزارع شبعا التي لا تعتبر مشمولة بالقرار 1701، بل بالقرار 242، وبالتالي اسرائيل لم ترد على الرد في حينه، كونها ما زالت ضمن قواعد الإشتباك التي نتجت عن القرار 1701″.

يعتبر الحلو أنّ خطاب نصر الله يمكن قراءته في أكثر من اتجاه، كأن يردّ عبر التصدّي للطائرات الإسرائيلية، وفي توقيت يحدّده هو وليس ضروريًا أن يكون اليوم أو غدًا . مضيفًا “تقييم الوضع لا يستند فقط إلى الخطابات بل إلى المعطيات الموضوعية، وفيها أنّ “حزب الله” يشكّل الحليف الأساسي والأهم لإيران في المنطقة، وباعتقادي لن تدفع إيران بالحزب إلى التحرش بإسرائيل بشكل يستجلب حربًا، لأنّ ميزان القوى واضح، والقدرات العسكرية الإسرائيلية ضخمة وقادرة على تدمير لبنان، و”حزب الله” مدرك لذلك على رغم خطابات رفع المعنويات، ومنها “ما بعد حيفا”.

وهناك صعوبة أن تزوّد إيران الحزب بالصواريخ، كما أنّ هناك صعوبات مالية لإعادة بناء ما يمكن أن يُدمّر من أسلحة في حال حصلت حرب. والوضع اليوم يختلف عما كان عليه عام 2006، بحيث كان هناك إمكانية لإعادة تسليح “حزب الله”، وكانت الدول العربية مستعدّة لإعادة الإعمار. ومن جهة ثانية يسود في إيران الحديث عن مشاورات بين ترامب وروحاني، والدول الخليجية لا تريد حربًا مع إيران والعكس صحيح”.
طبيعة الرد

استنادّا إلى ما ذكر من معطيات، لا يرى الحلو أنّ حربًا ستندلع بين “حزب الله” وإسرائيل في المرحلة الراهنة.” والرد سيكون محدودًا لا يستجلب حربًا شاملة، قد يكون بإرسال “درون” بحجم اللتين أرسلتهما وتقف العملية هنا، ومن الممكن أن يقوم الحزب بعملية على الحدود ضمن نطاق محدود أيضًا، أو عبر استهداف مصالح إسرائيلية في دولة أخرى”.

كيف وصلت طائرتا “الدرون” إلى الضاحية ؟

“استنادًا إلى الصور التي عُرضت لا يمكنني استنتاج أيّ نوع من “الدرون” هما، إحدى الطائرتين انفجرت ولم يتبق منها شيئ، والثانية ظهر منها بعض القطع. وهناك عدّة أنواع من تلك الطائرات ،هناك “درون” بمقاس علبة الكبريت، وهناك “درون” وزنها 180 طن، ومنها ما هو قادر على البقاء جوًا 36 ساعة والطيران لمسافة مئات الكيلومترات، وإيران تملك درونات تطير مسافة 3 الآف كليومتر، وقد سبق لها وأن استعملتها من اليمن لضرب مصفاة نفط في السعودية “.

قد تكون حرب “الدرونات” بديلًا مناسبًا في الوقت الراهن لتمرير الإعتداء الإسرائيلي بما يلائمه، ولكن ماذا لو كانت إيران أو الولايات المتحدة تريد تصعيدًا عسكريًا، هل كنا سندفع أثمان حروب الآخرين ورسائلهم المدمّرة ؟

نوال الأشقر

التعليقات مغلقة.